منتديات الـــجـــيــنــرال
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات الـــجـــيــنــرال
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات الـــجـــيــنــرال
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الـــجـــيــنــرال

منتدى به كل ما هو جديد اى حاجه تلاقيها هنا فى منتديات الجينرال
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة

     

     في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    اسلام الموشى
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    اسلام الموشى


    ذكر
    العقرب عدد الرسائل : 906
    تاريخ الميلاد : 27/10/1991
    العمر : 32
    الموقع : www.AlMoShY.YoO7.com
    العمل/الترفيه : طالب بكليه الحقوق بأسيوط وناوى ان شاء الله اخش نيابه عــــامـــــه
    المزاج : مــــــــتـــــــــــقـــــــــلــــــــــب
    السمعه : 2147489398
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 20/08/2008

    الاوسمة
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام العطاء
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام الاداره
    الاوسمه الخاصه بالعضو الاوسمه الخاصه بالعضو: وسام التقدير

    في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Empty
    مُساهمةموضوع: في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة   في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 01, 2008 7:45 am

    الفصل الأول ... في المقهى

    دخل عادل على المقهى يتصبب عرقا ولعابه يتطاير من فمه ليصطدم برجل مارق وبحنق صرخ فيه انتبه يا أعمى ثم تعالى صراخه للنادل: واحد زفت من غير سكر !
    عادل في الخامسة والأربعين من عمره وكباقي كل الأربعينين – لو صح التعبير- يتمتع بالسكري وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول وينتظر بفارغ الصبر سرطان البروستات كي ينعم بحياة طبيبعة مع أقرانه, متزوج ولديه شيطان وبنتين, إن كل شخص متزوج يحترم نفسه في سن الأربعين يجب أن يصاب بما سبق ذكره.
    نظر إلى قميصه المحروق ثم أخرج محفظته العتيقة, وأخذ يحسب ويحسب وقطع حساباته النادل: القهوة يا سيدي, شكرا ورشف رشفة ثم أكمل حساباته لكي يلعن كل من على الأرض من بشر وحيوان, ألقى نظرة أخرى على قميصه المحروق و... مساء الخير يا عدول !
    نظر إلى صديقه صاحب الهندام الأنيق للغاية والمرتب للغاية ورد عليه: لا عدول ولا مندول, أهلا سمير, تفضل اجلس.
    جلس سمير قائلا: مالك يا رجل؟
    نفخ عادل بعصبية: لا شيئ
    سمير: كيف لا شيئ؟ انظر انظر كيف اصبح وجهك مكرمشا من الهم
    عادل: طبعا هم وغم وزفت وقطران أيضا, انظر انظر إلى قميصي !
    سمير: يا سيدي ولا يهمك, كل هذا من أجل قميص!
    عادل بغضب: علي الطلاق سأفصل خدمة الهاتف من البيت كليا, لان هذا الجهاز اللعين واقف علي بخسارة دون أدنى فائدة.
    سمير: وما دخل الهاتف بالقميص, ثم أن فاتورة التلفون ليس بالأمر العسير سداده طالما ليس لديك خدمة الاتصال الدولي وأنت لا تملك هذه الخدمة!
    نظر إليه عادل برعب: دولي !!! أنا ناقص دولي يا سمير؟ لو كان لدي دولي لكنت الآن أنام في الشارع ملتحفا بورق الجرائد, أو مطاردا من الانتربول الدولي لتسديد الفواتير!
    سمير: إذا ما المشكلة؟
    عادل: مشكلة؟ قل مصيبة.. قل كارثة! أولا هذا الزفت الانترنت يأكل خمس المرتب شهريا بدعوى الثقافة العامة! وثانيا التلفون هو السبب الرئيس الذي يحرق قمصاني!
    سمير بتساؤل: كيف يحرق التلفون قمصانك؟ حرارة التلفون مثلا زيادة؟
    يهز عادل برأسه نفيا ليجيب: أبدا لكن في كل مرة تقوم زوجتي بالكي, يرن الزفت فترد على صديقتها مشيرة فتنسى المكواة على القميص ولا تتذكر إلا بعد أن تشم رائحة الشياط! يضحك سمير ليقول: يا سيدي من الآن فصاعدا أرسل ملابسك إلى المكوجي.
    فيسأله عادل: هل لدى المكوجي تلفون؟
    سمير: طبعا !
    عادل: إذا لا ! سمير هل عندك فأس؟
    سمير بدهشة: لماذا الفأس؟
    عادل:كي أحطم الحاسب الآلي والتلفون وأقطعهما قطعا صغيرة صغيرة !
    سمير: بفأس؟
    عادل وقد ابتسم ابتسامة من خطرت له فكرة رائعة : فأس أو قنبلة مثلا تطيح بالعمارة بأكملها!
    يصفر سمير صفرة طويلة: بالعمارة دفعة واحدة؟ ماذنب السكان
    عادل: حتى يموت معهم صاحب البيت الذي يقف لي في كل صباح بدعوى أن يلقي علي تحية الصباح.
    سمير: عادل يا صاحبي, هون عليك, أنت مصاب بالضغط وستقتل نفسك, ولمن ستترك أولادك إن مت مثلا؟ اشرب قهوتك يا رجل وطول بالك, فلتذهب الفلوس للجحيم, الصحة أهم!
    عادل: وأين هي؟
    سمير: من؟
    عادل: الصحة يا حبيبي!
    يضحك سمير: على الرغم من أنك غاضب لكن دمك خفيف
    عادل: شكرا يا سيدي, ثم يصرخ: أنت يا رجل, لقد طلبت منك قهوة سادة وهذه فيها سكر
    يصل النادل سريعا ليعتذر ويرفع القهوة ليقول: لكنك شربت نصفها!
    عادل: حقا؟ دعني أر.. فعلا, ليست مشكلتي, هات لي قهوة سادة! وواحد عصير ليمون للأخ, ويلتفت لسمير فيقول: البارحة دخلت على ابني فجأة لأجده يتصفح في مواقع مليئة بصور فتيات عاريات, وتظاهرت بأني لم انتبه ثم عدت لوحدي لأعرف مافي هذا الكمبيوتر اللعين, لكني اكتشفت أني حمار كمبيوتر, المهم استعنت بابن جيراننا وياللفيضحة!
    سمير: خيرا؟ أية فضيحة؟
    عادل: الكمبيوتر مليئ بشكل غير عادي بصور الفتيات بالمايوهات والعاريات!
    سمير: هكذا شباب هذا الزمن!
    عادل: الفتى مراهق وأنا أخصائي علم نفس لكن لا أذكر في دراستي كيف أعالج ابني من مرض التعري في عصر التعري
    يضحك سمير: يا سيدي هو ليس الوحيد
    عادل: أنت أيضا؟؟
    يقهقه سمير بشده ويميل على عادل ليهمس له: لكن بذمتك, قل لي, ماذا فعلت بعدما اكتشفت الصور؟
    يجيبه عادل وهو يكتم ضحكته: بصراحة الولد عند ذوق!
    سمير: يعني أمضيت الليلة على الكمبيوتر؟
    عادل: لا والله ! نصف الليلة والنصف الآخر مع أم الأولاد! نياهاهاهاها .. دمعت عيناهما من شدة الضحك حتى تمالك سمير نفسه ليقول: ايه .. كفانا الله شر هذا الضحك يا أخي.
    يسعل عادل مع نفس السيجارة الأخير ليطفئها ويقول: آمين يابو سمرة.
    سمير: وماأخبار البنات؟
    عادل: الكبيرة أم الصغيرة؟
    سميرة: لنبدأ بالكبيرة
    عادل: الكبيرة صبغت شعرها برتقالي
    سمير: أوف لم؟
    عادل: رفضت الإفصاح عن السبب وقالت لي: هذا أمر شخصي ولا أحب أن يتدخل أحد في خصوصياتي كفرد ذو كيان مستقل في المجتمع!
    يصفر سمير: هذه بهدلة أدبية
    عادل: نعم يا سيدي هذا تعليم المدارس
    سمير: والصغيرة؟
    عادل: والصغيرة نزلت السوق مع أمها واشترت قميص نوم أحمر وطشط غسيل وزنوبه!
    سمير: ماهذه الزنوبة؟
    عادل: هاي يا أخي التي تلسبها "نانسي" في قدمها في أغنيتها, قالت لي ابنتي ان اسمها زنوبة.
    سمير: آه خخخخ فهمت, حسنا ماذا لديك الليلة؟
    عادل: لا شيئ البته
    سمير: البته البته؟
    عادل: البته البته!
    سمير: حسنا الليله سأعزمك على سهرة من سهرات العزوبية
    قلب عادل شفتيه قائلا: يا ليت! لكن من أين لي, الذي في جيبي لا يكفي ثمن دخولية إلى مدينة ألعاب!
    سمير: على حسابي يا أخي, كن جاهزا في العاشرة مساء
    عادل: حسنا, الآن أنا استأذن عندي موعد عمل هام
    سمير: انتظر سأذهب معك
    أشار عادل للنادل قائلا: لكن القهوة وصلت ..
    نظر سمير للنادل وقال: وأيضا عصير الليمون .. سنشربهما غدا .. هيا بنا ! ومضيا في طريقهما بين سقط فك النادل يحاول أن يفهم .. لكنه بالطبع لم يفهم.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://almoshy.yoo7.com
    اسلام الموشى
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    اسلام الموشى


    ذكر
    العقرب عدد الرسائل : 906
    تاريخ الميلاد : 27/10/1991
    العمر : 32
    الموقع : www.AlMoShY.YoO7.com
    العمل/الترفيه : طالب بكليه الحقوق بأسيوط وناوى ان شاء الله اخش نيابه عــــامـــــه
    المزاج : مــــــــتـــــــــــقـــــــــلــــــــــب
    السمعه : 2147489398
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 20/08/2008

    الاوسمة
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام العطاء
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام الاداره
    الاوسمه الخاصه بالعضو الاوسمه الخاصه بالعضو: وسام التقدير

    في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة   في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 01, 2008 7:47 am

    الفصل الثاني: في البيت

    " ايه؟ قول تاني كده؟ مين؟؟ تقصدني انا! حبنا؟ عشقنا؟ هو انت بتكلم عننا !! "

    وهي ترقص حاملة طشطها الأزرق وتتدلع يمينا ويسرة وتغني: ياناسي هوحرام عليك .. أمي أين باقي الغسيل؟
    ترد عليها أمها صارخة: لاحول ولا قوة إلا بالله, لا غسيل اليوم, غسلته كله!
    تصرخ الفتاة بدورها: انتي قلتي ايه؟؟؟ اصلي مش سامعاكي !
    الأم: قلت لا غسيل اليوم واخفضي صوت الأغنية لو سمحت كي تسمعيني! وكفي عن اللهجة المصرية هذه !
    وبخطا متمايلة تدخل غرفتها لتغلق الباب, تحدث أمها نفسها بأنها تعيش في بيت مجانين بالتأكيد!

    هي في الثامنة والثلاثين من عمرها, متزوجة من رجل يكاد يتواجد في البيت ولا تلومه على هذا أبدا لسببين, الأول أن البيت لا يطاق إلا ليلا وهي بالكاد تحتمله, والثاني أن الرجل يسعى سعي الوحوش على رزقه, وككل زوجة تحترم نفسها تنتظره عندما يعود لكي تصب على رأسه كم هائل من المشاكل التي حصلت طيلة اليوم مع طلب غير قابل للنقض بأن يقوم خلال الساعة المتبقية قبل منتصف الليل بحل كل تلك المشاكل وتقول له: أنا قلتلك أنا ما دخلني !
    قفزت من مكانها كقطة مذعورة عندما علا صوت موسيقا أجنبية مجنونة فهرعت بخطا سريعة إلى غرفة ابنتها البكر ذات الشعر البرتقالي لتجدها تقفز وتتشقلب وتغني كما يفعل المغنيون في التلفزيون, أرادت أن تقنع نفسها أكثر من مرة أن ابنتها موهوبة لكنها بكل صراحة لا تجد إي إبداع في هذا الجنون الغريب, خفضت صوت الموسيقا فانتبهت ابنتها وقالت وهي تقف على يديها بالمقلوب: أمي أعيدي الموسيقا! فقالت لها: يابنتي عيب الجيران! اخفضي الصوت قليلا!
    عادت الفتاة إلى وضعها البشري الطبيعية واستقامت على قدميها لتقول لها: أنا حرة وليس لأحد أن يتدخل في شؤوني وحريتي! هزت الأم رأسها بيأس وقد أعادت ابنتها الصوت المرتفع كما كان سابقا, حاولت أن تكمل الحديث معها لكنها عادت تتشقلب, خرجت من الغرفة بعد أن أحكمت إغلاق الباب, فرن جرس الباب الخارجي ليطالعها وجه زوجها عادل وعيناه مملوئتان بدهشة غير عادية وهو يسألها: ماهذا يا هَنَا؟ هل قلبتِ المنزل إلى ديسكو؟؟
    أجابته: لا أبدا
    عادل: إذا ماهذا الصوت الذي سمعته من باب عمارتنا؟؟
    هَنَا: هذا صوت الموسيقا التي ترقص عليها ابنتك
    عادل: أوف أوف! والله يا هَنَا لم أعد أعرف ماالعمل!
    هَنَا: طول بالك ابن عمي, أراك عدت باكرا
    عادل: نعم انتهيت مبكرا اليوم فقد توفي الوزير وعليه استحقت لنا إجازة!
    هَنَا: كم وزيرا في هذه الحكومة؟
    عادل: سبع وزراء دائمين منذ عهد الآشوريين
    هَنَا: يعني اجازتك القادمة ربما ستكون في القرن القادم
    عادل: حسب التطوارت الطبية يا هَنَا, المهم كيف حالك أنت؟
    هَنَا: بخير يا عزيزي, انتهى مصروف البيت اليوم وآخر ما اشتريته هو علبة مسحوق الغسيل
    عادل بدهشة: مسحوق غسيل؟ هذه العلبة الخامسة هذا الشهر ونحن في الثلث الأخير منه!!! هل تغسلين للعمارة بأكملها يا هَنَا؟
    هَنَا: أبدا لكن سوزان تأبى إلا أن تغسل في الطشط الأزرق فتستهلك ربع العلبة!
    عادل: يا حبيبي على هالحالة, عموما هَنَا يا حبيبتي, كم قميص بقي لدي؟
    تطرق هَنَا برأسها خجلا لتقول: قميصين الأزرق والبني
    عادل: جميل جميل, اكوي القميص الأزرق لأنه لدي مشوار مهم, مقابلة وعشاء لربما اثمرت عن عمل اضافي بمرتب مغري!
    هَنَا: الله يوفقك يا عدولتي, أي ساعة تريد القميص جاهز؟
    عادل: في العاشرة إلا ربع, لكن .. هَنَا ممكن القميص يكون نصف مطهو من غير حريق؟
    تضربه على كتفه قائلة: يبعتلك ! حاضر من هالعين قبل هالعين, هيا غير ملابسك لتأكل معي, الغداء جاهز
    ويمسكها عادل من يدها ليقول لها: ألن تساعديني؟
    ترفع حاجبيها متساءلة: بم؟ يشدها إليه فتقترب أكثر ليجيب: بتغيير ملابسي طبعا
    تسحب يدها بدلال لتقول: عادل الأولاد كلهم هنا
    يقترب منها أكثر ليقول: والباب له قفل .. وأرادت أن ترد عليه لكن لم تستطع لما طبع تلك القبلة على شفتيها وحملها بخفة نسبة لوزنها الخفيف وهي تركل بدلال تريد النزول ثم صرخت فجأة: عادل! ابنتك تتفرج علينا! نظر إلى ابنته التي تمضغ لبانة وقد وضعت يدها على خصرها المثني وفي عينيها اتهام صريح وفهم وقح وهي تحدق بهما وعلى شفتها ارتسمت ابتسامة صغيرة وكأنها تقول لهما: كبرتم على تلك الحركات!
    علا احمرار شديد وجه هَنَا بينما ارتبك عادل بشده و ... سارة ! ماذا تفعلين هنا؟
    اجابته بعد أن فرقعت البالونة التي نفختها من اللبانة: ذاهبة إلى المطبخ ... وأنت ماذا تفعل؟
    عادل: أنا؟ أنا صاحب هذا البيت أفعل ما أشاء !
    سارة وهي تمط شفتيها: حسنا ومرت أمامه ذاهبة للمطبخ وصوت حفيف الزنوبة يتبعها حتى توارت داخل المطبخ فتنفس عادل الصعداء ليتساءل: كم هو عمر ابنتي؟
    ضحكت هَنَا وأجابت: 14 سنة
    زفر زفرة عميقة ليقول: والله أحسست أني مجرم وأنها من شرطة الآداب حتى خفت أن تحلق لي شعري عقابا لي!
    ضحكت هَنَا مرة أخرى وقالت: قلت لك الليل ستار
    عادل: إي والله, سأغير ملابس وحدي (وضغط على كلمة وحدي) وبعدها نأكل وفي الليل لكل حادث .. حديث!

    دخل غرفته وارتمى على السرير يحدق بالسقف ويفكر في أولاده, كيف كبروا وصاروا مخيفين بهذه السرعة؟ على الرغم من كل الهموم والمصاعب إلا أن رؤيتهم تبث في نفسه فرحة غامرة, تمطأ فأصاب شيئا ما, رفعه إلى أعلى وفَرَدَهَا فإذا هي قطعة ملابس داخلية! أخذ ينظر إليها بلا وعي, حتى سمع شهقة طويلة وبسرعة ورد فعل غير إرادي طواها بين يديه وراج يجفف عرق وهمي على جبهته, ثم وجد أنها هَنَا زوجته وقد وضعت يدها الصغيرة على فمها, فارتخت أعصابه, قالت: لا حول ولا قوة إلا بالله! مالك اليوم؟
    أجابها بصدق: لا أدري, أخفتني! حسبتك سارة أو سوزان !
    هَنَا: لكانت مصيبة بحق! ثم ضحكت ضحكة رنانة .. لكانت فضيحتك – على قول المصريين- بجلاجل !
    فَرَد عادل القطعة مرة أخرى أمام وجه هَنَا فخطفتها من بين يديه بخجل فسألها: لم أرها قبل اليوم؟ لمن هذه؟
    هَنَا: ليست لجارتنا طبعا! اشتريتها أمس
    عادل: ومتى ستلبسينها؟
    هَنَا: عادل .. الغداء جاهز !
    عادل: حسنا, ولم العصبية.. ما غداؤنا اليوم؟
    هَنَا: فاصولياء باللحم ورز أبيض
    عادل: لا سمك؟
    هَنَا: يا سلام! من أين آتي لك بالسمك!
    عادل: لو أخبرتني لاشتريت سمك
    هَنَا: وما مناسبة السمك؟
    عادل: السمك مفيد ليلا!
    هَنَا: آه يا عادل تعبتني .. ياللا تعال نتغدى وكف عن هذه الحرام عليكديث الصبيانية!
    عادل: صبيانية؟ ممم .. حسنا .. هيا نأكل .. لكن اتعلمين شيئا؟ هزت رأسها تحثه على الحديث فأردف: أنا لا زلت أحبك كما كنت أحبك لما كنا صغار في حارتنا, بل إنك تصبحين في كل يوم أجمل.
    أطرقت برأسها بخجل مع بسمة رضى عن انوثتها متقبلة الغزل راضية به على الرغم من قلته وقالت: وأنا أحبك أيضا.
    " ومافيش حاجة تيجي كده .. إهدى حبيبي كده وارجع زي زمان "

    بفم مليئ بالطعام .. سااااااااااارة ..
    "يابني اسمعني .. حتدلعني .. وتاخد عيني كمان"
    سااااااااااااااراااااااااااااااااا
    اخفضي صوت الزفت هذا أو أغلقي على نفسك الباب! وتشوب صوت الباب ينغلق بعصبية فقالت هَنَا: هي كذلك طيلة اليوم لا تهدأ ولا تكل ولا تمل. قال وهو يمضغ الطعام: هكذا حال المراهقين هذه الأيام, كيف هو علي؟ أجابته: علي طيلة اليوم على الانترنت لا يكل ولا يمل أيضا ..
    عادل: مممممم
    هَنَا: يجب أن نجد حلا لموضوع النت هذا
    عادل: ممممممم
    هَنَا: بالمناسبة ...
    عادل: ممم .. ماذا؟
    هَنَا: علي يدخن !
    كح كح كح ويكاد عادل أن يختنق عند سماعه الخبر, بلع اللقمة بصعوبة مع نصف كأس ماء .. وسألها: منذ متى؟ فأجابته أن شكوكها كانت منذ شهر لكن تأكدت اليوم بعدما وجدت علبة سجائر مخبأة في حذاءه! وأردفت: سأناديه حتى تتفاهم معه
    عادل: لا تفعلي .. ماذا أقول له؟
    هَنَا: ياسلام أنت والده .. اصرخ في وجهه .. هدده .. افعل أي شيئ
    عادل: بالعقل يا هَنَا, أنا أدخن وبصراحة فاقد الشيئ لا يعطيه!
    هَنَا: أنت أب فريد من نوعه
    عادل: إنما أنا منطقي لا أكثر, وأفوضك رسميا بهذه المهمة
    هَنَا: وماذا لو سألني .. لماذا أبي يدخن؟
    عادل: قولي له أن أبوك لم يجد من ينصحه وهو صغير وقد اعتاد عليها .. الحمدلله شبعت.. شكرا فاصولياء ممتازة سلمت يداك. سأذهب لأنام, أيقظيني في التاسعة.
    دخل غرفته وارتمى على السرير, أسبل عينيه, أحس برأسه ثقيل للغاية, منهك للغاية, ارتخت اعصابه وارتاحت .. ونام.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://almoshy.yoo7.com
    اسلام الموشى
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    اسلام الموشى


    ذكر
    العقرب عدد الرسائل : 906
    تاريخ الميلاد : 27/10/1991
    العمر : 32
    الموقع : www.AlMoShY.YoO7.com
    العمل/الترفيه : طالب بكليه الحقوق بأسيوط وناوى ان شاء الله اخش نيابه عــــامـــــه
    المزاج : مــــــــتـــــــــــقـــــــــلــــــــــب
    السمعه : 2147489398
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 20/08/2008

    الاوسمة
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام العطاء
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام الاداره
    الاوسمه الخاصه بالعضو الاوسمه الخاصه بالعضو: وسام التقدير

    في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة   في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 01, 2008 7:50 am

    الفصل الثالث ... ليلة أنس ..

    ضحكت وهي ترحب بهذا وتلك, وتنتقل من شخص لآخر كأنما فراشة تنتقل من زهرة لأخرى, ترتسم الابتسامة على كل زهرة من الزهور عندما تصلها الفراشة, والفراشة هذه التي نتحدث عنها هي امرأة في الخامسة والثلاثين من عمرها و .. فاتنة ! فاتنة إلى حد لا يصدق بهذا الثوب الليلي الذي يلف جسدها النحيل الأسمر كما شجر العليق يلف غصنا يافعا, ثوبها يلمع من كثرة الكريستال المطرز عليه ويتخلى عن جسدها في منطقة الظهر كي يسمح لهذا الشلال الأسود من خصل الشعر اللامعة أن يسبح فيغطي ظهرها عوضا قماش الثوب.
    مقلتيها المائلتين للون الفضي وحدهما تذيب قلوب, وتشن حروب, وتنتصر! شفتاها تقبلها الورود كل صباح, وعنقها يعانقه المساء إكبارا لحسنها!
    كان سمير منشغلا بمغازلة هذه وتلك, فيلقي نكته هنا وأخرى هناك وعادل يتبعه كظله ثم مال عليه قائلا: سمير!
    رفع سمير حاجبيه: ماذا؟
    أشار عادل برأسه ناحية الحسناء المتسربلة بالسواد سائلا إياه: من هذه؟
    ابتسم سمير وأجابه: آه آه .. ألم أتجد غير ليلى؟ يا أخي ابحث عن شيئ آخر, هذه صعبة للغاية!
    قال عادل وهو يتابعها بنظره أينما ذهبت: اذا اسمها ليلى.. مممممم
    هز رأسه سمير وضحك قائلا: لا فائدة يا صديقي لا فائدة ترجى .. فالتفت إليه عادل قائلا: يبدو أنك نسيت عادل أيام زمان, صحيح أن الشكل تغير لكن لا زال لساني ينثر زهورا تجذب كل الفراشات!
    ضحك سمير بقوة: كل الفراشات .. إلا هذه ! بحزم هز رأسه عادل متحديا إياه .. سنرى ! واستدار يمشي فأمسك سمير بكتفه: إلى أين؟ أجابه: إلى ليلى طبعا !
    حينها قال سمير بجدية: يا صاحبي هذه هي مضيفة الحفل وغنية لأبعد الحدود مما يفوق توقعاتك الشخصية, تخلى عن هذه الفكرة كيلا تسبب لنفسك الحرج. ولاحت ابتسامة على وجه عادل وقال: نحن هنا للتسلية .. صح؟ إذا لا داعي لهذا القلق الغريب, أنا لن أطلب يدها الساعة!
    سمير: لو صفعتك, أنا لا أعرفك..
    واتجه عادل بخطا بطيئة للغاية قاصدا "ليلى" وهو يضرب أخماسا بأسداس .. ماذا عساي أن أقول لها؟ يا الهي لكم هي فاتنة! أدفع نصف عمري لأجل نظرة حب من امرأة كهذه .. ممم .. ماذا ماذا أقول .. أشعر بالعرق يتصبب على جبهتي, انا في الاربعينات وارتبك أمام امرأة تصغرني بعشرة أعوام على أقل تقدير, إن هذا مخز للغاية, ماذا لو كانت باردة معي؟ لا أدري .. وفجأة وجد نفسه أمامها وجها لوجه, بالنسبة لعادل, توقف الزمن برهة لكي يعطيه فرصة ليغوص في عينيها اللتين احتار في لونهما, أزرق غامق؟ لا .. بني غامق ممزوج مع أخضر كاشف؟ لا .. فضي يا ترى؟ ربما .. ماهذا... لماذا تضيؤ عيناها؟ إنها تحدق بي باستغراب واستغباء, كيف سـ .. وسمع صوتها ينتزعه ليعيد للزمن دورته الطبيعية: هل أنت بخير؟
    نفض رأسه بحركة سريعة ليقول: لا لست بخير
    مطت شفتيها: تعبان؟
    أجابها: نعم .. كثير
    يعني مريض؟
    نعم, كثير كثير
    فقالت: أنت غريب فعلا, عد إلى بيتك
    هز رأسه: ما أقدر
    سألت: لماذا؟
    فأمسك بيدها قائلا: اسمحي لي, وجرها خلفه وهي تكتم صرخة عصبية لكنها تمالكت أعصابها تفاديا للإحراج في حفلها هذا, وكان سمير يراقبه من بعيد وكاد أن يمسك بتلابيب هذا المجنون لكنه أحس بمتعة ما فترك الأمر على حاله, خرج عادل من الصالة الرئيسة إلى الشرفة وهو لازال يجرها خلفه, ثم ترك يدها فقالت بغضب: لو لم نكن في حفل لكنت .. ووضع اصبعه على فمها مانعا إياها من إكمال جملتها ثم أشار بإصبعه إلى السماء وقال لها: هل تألمت؟ هل أنت بخير؟
    قالت له ودهشة الدنيا في عينيها: لا ريب أنك مجنون!
    فجلس على ركبتيه أمامها مكررا سؤاله: بالله عليك أخبريني هل أنت بخير؟
    رفعت حاجبيها غير مصدقة لهذا الرجل وحدثت نفسها لا ريب أنه مخبول جدا, أو ... وابتسمت للفكرة فأجابته: نعم بخير
    زفر عادل بارتياح.. الحمدلله .. كنت خائفا أن تكون السقطة قد آلمتك
    ضحكت بعفوية: أية سقطة؟
    نظر عادل حوله يدعي عدم الفهم: إنها أنت أم أني مخطئ؟
    قالت: لا أفهم!
    اقترب منها يحدثها همسا قائلا: البارحة كنت على سطح البيت, وكنت أبحث عنها كعادتي, ثم وجدت أن النجوم قد تغيرت مواقعها فالدب الأكبر قد انتقل من مكانه فاسحا المجال للدب الأصغر, ثم ان باقي النجوم تراصت فكتبت لي: ليلى ! وعندما أغمضت عيني سمعت القمر يهتف لي: ستنزل غدا إلى كوكب الأرض ثم .. أنا متأكد أنها أنت وكنت خائفا أن تقعي ولم أتوقع أن تنزلي هنا ..
    كانت تتابعه غير مصدقة تماما أنه رجل بالغ راشد .. لكنها لم تتمالك نفسها وهو يحكي هذه القصة العجيبة إلا وقد انفجرت ضاحكة بشده قائله: أنت غير معقول!
    أمسك يدها قائلا: وأنت بالتأكيد لست من هذا الكوكب
    صفرت بشفتيها قائلة: لهذه الدرجة؟
    أجابها بحماس: بل أشد من ذلك .. يا ليلى
    سألته: من أنت؟
    مد يده قائلا: عادل
    صافحته مبتسمة: تشرفنا يا عادل
    ابتسم وقال: هل تقبلين دعوتي غدا على العشاء؟
    مطت شفتيها: عرفتك منذ دقيقتين وتدعوني للعشاء! فقال: لو أن العشاء لا يناسبك أدعوك على الغداء
    هزت كتفيها بدلال: لا هذا ولا ذاك.. فقال: أيرضيك أن اموت جوعا؟
    قالت: هذا شأنك! فقال: موتي لا يعني لك شيئا إذا ... أجابته: بالتأكيد
    فقال: حسنا, ثم صعد إلى السور الحديدي على حافة الشرفة فسمع شهقتها وهي تقول: انزل يا مجنون!! أجابها وقد بات واقفا على السور يتأرجح: سأموت وأرمي نفسي ..
    برعب صرخت: انزل بالله عليك لا تكن طفلا .. ماهذا
    أجابها وهو يكاد أن يقع فعلا: إما أن تقبلي دعوتي أو أرمي نفسي الآن, وتأرجح بعنف فمدت يدها إليه وهي تهتف: خلص خلص قبلت .. انزل أرجوك
    كان قلبها يخفق بشده وهي لا تصدق هذا الرجل, لم يكن يمزح وإنه لواقع لولا أن مدت يدها إليه تسنده, نظرت إليه تتأمله وكان وسيما حقا لو يعتني بنفسه أكثر, أرضى هذا الفعل الطائش المراهق الصادر من رجل بالغ أنوثتها بشكل غير عادي, وحارت في أمرها, إن ما يفعله هذا الرجل هو خارج عن المألوف تماما ويبدو أشبه بأفعال المراهقين منه إلى الرجال, لكنه تغيير على كل حال, ثم إنه يختار الأوقات المناسبة لأفعاله الغريبة هذه وكل هذا لأجلها, هكذا كانت تفكر قائلة في نفسها والأمر يبدو ممتعا للغاية, دب فيها الحماس لكنها أخفته باحتراف وهي تنظر إلى عادل وقد تبلل قميصه بعرقه وقالت له: صدق أو لا تصدق, صادفت مجانين كثر, لكن لم أصادف مجنونا بمثل سنك!
    ضحك وقال: وصدقي أو لا تصدقي لم أصادف من النساء من هو أجمل منك, ومن الفصول من هو أحلى منك, ومن الزهور من هي أزهى منك, ومن الطبيعة مخلوقا أو على الأرضي بشرا أو في السماء كوكبا ولا قمرا ولا نجما من هو أكثر حسنا منك.
    قالت له: رويدك رويدك ..
    قاطعها ناظرا إلى عينيها وشفتيها .. متأملا وجهها الساحر وقال: غدا .. الساعة الثامنة, ولن أسألك ألا تتأخري لأني سأمر عليك وسيكون العشاء.. مفاجأة!
    تسربلت إلى خديها حمرة ولم تتمالك نفسها إلا أن تقول: اتطلع لهذا .. و .. ودخل سمير الشرفة وهو مابين الحالم والعالم, يقول فيه نفسه: فعلها هذا الرجل ! وشعرت ليلى بحرج لم يبد على وجهها المتألق.. أهلا سمير
    سمير: أهلا ليلى .. ماذا تفعلان في الشرفة وحدكما؟
    ببساطة أجابه عادل: ليس من شأنك, ثم تأبط ذراعه: تعال يا صديقي .. والتفت إلى ليلى ليقول: تفضلي سيدتي, السيدات أولا ..
    خطا الثلاثة إلى داخل الصالة وسمير يكاد يحترق شوقا ليسمع القصة وكيف حصل هذا, وكان الحفل قد أوشك على الانتهاء, وفجأة ... توقف العازفون عن العزف والمتكلمون عن الكلام والصامتون عن الصمت وانتبهت الآذان مصغية, فسأل عادلٌ سمير هامسا: مالذي يجري .. لكزه سمير وقال: اصمت وسترى .. وباتت الإضاءة خافتة, وانسابت رائحة عطر قرنفل وفل في الأمكنة, واختطلت ألوان الإضاءة من أزرق ووردي .. وبينما الصمت لف المكان, بدأت موسيقا ناعمة تنساب من مكان بعيد, يصحبها صوت آت من سماوات بعيدة, وقد اشرأبت الأعناق ناظرة, وتوقفت القلوب صاغية, وتسللت الألحان إلى عظام الحضور, فاقشعرت الأبدان, وتفتحت عيون محدقة, وأخرى مسترخية مغلقة, وهِيَ تغني! وأحس عادل بدوار من النشوة وهو يتابع "ليلى" التي أغلقت عينيها وراحت الكلمات تقرع في فؤاده كل ألوان الحنان والحزن ...

    ما مر يوم, إلا وفي القلب جوع
    ما مر يوم, إلا وكاد أن يخلع الضلوع
    من شوق لاهب, أو من غرام ذاهب
    ما مر يوم, إلا وفي الأحلام مشهد
    من قصة وردية , تحكي عن الحورية
    تعيش في الزهور

    وانحدرت من عيون العشاق دموع .. وفي أفئدة الكبار خشوع ... وكاد عادل يبكي .. وتكمل الموسيقا يناغشها صوت ليلى ..

    وأنت
    أنت في مغيب القمر
    مشهد من جنة السحر
    من خيال راجف, من شوق قاصف
    وفي القلب جوع
    وأترك اليوم لليلي, على موعد الربيع
    وأترك الدنيا لأني, على موعد الربيع
    وأنتظر كل الفصول, فيخلفني الربيع

    وبكى عادل بدمعة انحدرت على خده .. والتهبت أكفه بالتصفيق لما انتهت ... وظل يصفق, ويصفق .. وكذلك الحضور, بينما حييت ليلى الحضور من على المنصة الصغيرة ونزلت وحشرجة في حلقها تكاد تخنقها, ووميض ذكرى اشتعلت في فؤادها الكسير.. دخلت غرفتها ووقفت أمام المرآة .. ألقت نفسها على سريرها, أغمضت عينيها, وغابت.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://almoshy.yoo7.com
    اسلام الموشى
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    اسلام الموشى


    ذكر
    العقرب عدد الرسائل : 906
    تاريخ الميلاد : 27/10/1991
    العمر : 32
    الموقع : www.AlMoShY.YoO7.com
    العمل/الترفيه : طالب بكليه الحقوق بأسيوط وناوى ان شاء الله اخش نيابه عــــامـــــه
    المزاج : مــــــــتـــــــــــقـــــــــلــــــــــب
    السمعه : 2147489398
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 20/08/2008

    الاوسمة
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام العطاء
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام الاداره
    الاوسمه الخاصه بالعضو الاوسمه الخاصه بالعضو: وسام التقدير

    في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة   في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 01, 2008 7:52 am

    الفصل الرابع .. ليلى

    كان معها منذ أن كانت في السابعة من عمرها, كانت معه وكان معها, كانا طفلين وكانا متحابين, هي ملكته وأميرته وهو فارسها الذي يحميها من صديقاتها اللاتي يحسدنها لمالها وذكاءها وجمالها, حتى المعلمة في المدرسة كانت تفضلها عن باقي الطالبات لأنها الأفضل, والأجمل.
    هو أيضا يسكن في نفس الحارة على بعد ثلاث بنحرام عليكت, وفي يوم العيد كانت تلبس لتبدوا أجمل مايمكن, ألبستها أمها ثوبها الجديد, فخجلت لأن الثوب يكشف عن نحرها وكان ثدياها قد بدأا بإعلان أنوثتها فقالت بضيق: أمي لا أريد أن ألبس هذا!
    ضحكت والدتها فقبلتها وقالت لها لا زلت في الحادية عشر من عمرك اذهبي والعبي مع اصدقائك, نزلت من البيت جريا تركض إليه, ومرت بصبية الحارة الأشقياء, كل واحد فيهم شيطان من شياطين الجحيم, كانوا يعشقونها وكانت تكرههم ولهذا كلما رأوها ضايقوها وتبكي ضيقا بهم.
    هم ثلاثة وقال أكبرهم حجما: هه .. ليلى إلى أين؟
    لم ترد بل زادت من سرعتها فركضوا خلفها ووقفوا أمامها .. هذا الشقي صاحب النمش الكثير على وجهه مد يده أليها وقال: انظري إن معنا فراقيع العيد, ثم أشعل واحدة ورماها تحت قدميها, أصيبت برعب شديد وبوووم قفزت من مكانها وهي تسبه وتلعنه وهم يضحكون ويرمون عليها الفراقيع, كانوا يستمتعون بوحشتيهم المراهقة وكانت تعاني منها, ومن بين دموعها رأت أولهم يقع على الأرض وهو يصرخ, والثاني قد اشتبك مع أحدهم وانقض الثالث ليشاركة في القتال, واستمر العراك برهة حتى سمعا صوت رجل كبير يصرخ فيهم فهرب الثلاثة بينما بقي "عُمر" على الأرض وقد تقطعت ثياب العيد وأصاب وجهه بعض الكدمات الخفيفة ويسيل الدم من أنفه. هرعت إليه تتحسس وجهه, لم يكن معها منديل لكن بطرف ثوبها مسحت له الدم, ونظرت إليه فوجدته يبتسم لها, على الرغم من الخوف الذي كانت فيه إلا انها كانت سعيدة, سعيدة بفارسها وكان سعيدا بملكته.
    قالت له ساشكوهم إلى أبي
    أجابها بحزم: كلا ! كان يدرك أنها لو فعلت لانهارت سمعته بين اصدقاءه, هكذا هي قوانين الحارة, أن تأخذ حقك بيدك .. أخذ يدها وذهبا إلى "السبيل" ليلعبان بالأرجوحة, ويرميان نصف ليرة في كوب تحت الماء كي يربح ليرة يشتري لها بها البوظة وهو فخور كل الفخر بأنه يصرف عليها.
    وكان لا بد أن يستأجرا عجلة كي تركب وراءه, ولا بأس من سقطة هنا وأخرى هناك وهما يضحكان سعيدان والدنيا من حولهم كأجمل ما يمكن أن تكون. هي تعرف أن عليها أن تعود قبل وقت الغداء وتعرف أنه عليه ايضا لكنه كباقي الاطفال لن يفعل, بل سيذهب إلى اصدقاءه ليلعبون بالغلة والصَّياح, وقليلا من كرة القدم.
    كان يكبرها بعام واحد, لهذا كانت حزينة جدا لانه سينتقل إلى مدرسة الإعدادية بينما ستظل هي في الابتدائية, عرض عليها أن يرسب في هذه السنة كي يظل معها لكنها رفضت وبكت كثيرا حتى عدل عن قراره الأحمق.
    مضت السنوات سريعا, وكان أشد ما يحزنهما أنهما بعيدان عن بعضهما في المدرسة, مدرسة "الكندي" الثانوية, هناك اكتلمت رجولته, ودخن أول سيجارة, وهناك شاهد المجلات الإباحية.
    كان عضوا بارزا من أعضاء العصابات في المدرسة وعلى شجار دائم مع المدارس الأخرى, في تلك الأيام تلقى أول لكمة حقيقة كادت أن تنكسر أنفه. هو وعصابته أو "شلته" كما يحلوا لهم تسمية أنفسهم كانوا لا يجلسون إلى في المقاعد الأخيرة, يتهامسون في حصة الرسم على جمال آنستهم السمراء, يميلون يمينا وشمالا ويستدعونها عندهم كي يشموا رائحة عطرها, ويختلسون النظر إلى ثدييها من فتحة قميصها حينما تميل على مقاعدهم, ويتزاحمون عند الباب حتى تلمس أجسادهم جسدها!
    تعلم أن يهرب من الحصة الأخيرة المملة, وكانت من عادات "الشلة" ألا يحضروا الحصة الأولى لكي يتسنى لهم أن يتسكعوا على "خط نابلس" و"خط نابلس" هذا هو شارع يصل ما بين دوار "الموغمبوا" و"ثانوية نابلس" للبنات, يحكى كثيرا أن أجمل فتيات الدنيا كن في تلك المدرسة, لم يكن الصباح صباحا عند شباب المدرسة دون هذه التمشية الصباحية, وكان هذا أجمل شيئ يفعله حتى يطالع وجه ليلى صبحرام عليك, ليسرقا خمس دقائق من الزمن يقضيانه سويا.
    غدت ليلى شابة ينطق الحسن أنها أجمل منه, وغدا هو وسيما طويلا يملؤه الشباب.
    نزلت من بيتها صبحرام عليك مبتسمة مشرقة وهي تحث الخطا بشوق إلى "عُمر", تحمل حقيبتها الصغيرة ويطير شعرها خلفها, لم تكن منتبهة إلى تلك السيارة المرسيدس السوداء التي تمشي على مهل ورائها, حتى سمعت صوتا يناديها فالتفتت وألقت نظره سريعة, هذا يحصل كثيرا, تكثر المعاكسات لكن سائق السيارة كان مصرا, وهو يغازلها ويعرض عليها أن تركب معه يوصلها للمدرسة, لكنها ظلت على صمتها ولم تلتفت إليه وتسارعت خطاها, فراح يصب على مسمعيها كلاما قذرا وسافلا حتى أصيبت بخوف وقلبها الصغير ينبض بسرعة, تعلم أنها لو وصلت إلى "عُمر" فإن "عُمر" سوف يوسعه وأصحابه ضربا, وماهي إلا دقائق مرت كأيام حتى طالعها وجهه ومن نظرة واحدة إليها فهم الأمر, فخطا إلى السيارة ولم يتكلم مع صاحبها بل صفعه على وجهه صفعة كان دويها شديدا, وكالبرق فتحت أبواب السيارة ونزل من أربعة رجال, يحملون مسدسات على أخصرتهم ويلبسون جاكيتات الجلد إياها, صرخت برعب من المشهد ومما هو آت, فضربوه وضربوه بعنف شديد, كسروا له ضلعين, وشجوا رأسه, ولم يكتفوا بهذا بل وضعوه في السيارة التي أغلقت أبوابها وانطلقت مسرعة, والمارة يتفرجون كأنه مشهد سينمائي, وهي تنظر بعيون مفتوحة ملؤها الرعب وقد احتبست الصرخات في حلقها فاستدارت وأطلقت قدميها تسابق الريح إلى بيتها.
    لو أنها تعرف هذه الأمور لقدرت أن صاحب هذه السيارة وسائقها لا يجب أن يقال له لا ! ولو أنها تعرف هذه الأمور لقدرت أنه كان عليها أن تذهب للمدرسة مباشرة وتمنع "عُمر" أن يفعل شيئا .. لكنها لجهلها لا تعرف, ولسوء حظ "عُمر" أنها لا تعرف.
    دخلت البيت برعب وحكت لأبيها وقبلت يديه كي يفعل شيئا, فهدأ من روعها وذهب إلى بيت عُمر, فوجد أبو عُمر جالسا يشرب القهوة فدعاه إلى فنجان قهوة معه, جلس "أحمد" "والد ليلى" وراح يحدث أبو عُمر عما جرى, وكان أبو عُمر يستمع إلى "أحمد" غير مصدق.
    أبو عُمر رجل بسيط ومتدين, وأستاذ في الجامعة وحاصل على درجة البروفسيور في علوم الرياضيات, يتعامل مع من حوله برقي ويتوقع أن يعامله الأخرون بالمثل, تربطه صداقة طويلة العمر مع أحمد "والد ليلى" وكانا متفقين على أن ليلى ستتزوج عُمر يوما ما. في عمره الذي يناهز الخمسين عام, لم يرزق إلا بولد واحد الذي هو عُمر, فكان يخاف عليه كما تخاف القطة على أولادها, وزوجته تعمل طبيبة في المستشفى الجامعي, هم عائلة بسيطة متافهمة ومثقفة تنحدر من أصول دمشقية, لكن عمله اضطره أن ينتقل إلى حلب فعشق المدينة وعشق أهلها وجوها الرائع الذي بعد لم يتعكر صفوه من كثرة الزحام ودخان السيارات.
    ظل صامتا بعد أن أنهى "أحمد" حديثه لا يحير جوابا ولا يعرف قولا, حتى سأله أحمد: أبو عُمر؟
    نظر إليه وقال بحزن: من هذا الرجل الذي أخذ ابني في سيارته؟
    نظر إليه أحمد وأعاد الحديث على مسامعه قائلا: قبل آن آتي إليك ذهبت إلى نفس المكان الذي حصلت في المشكلة وسألت صاحب الدكان الذي وقعت الحادثة أمامه, فأخبرني عنه وقال ان اسمه: حسام كسار, وعلينا الآن أن نذهب للشرطة إذ أن الأمر خرج من بين أيدينا ولا يسعنا أن نعمل شيئ.
    دخلا قسم الشرطة, فقال لهما الجندي وهو يشير إلى مقعدي خشب مهترئين: انتظرا هنا ريثما يأتي دوركما
    كان أبو عُمر شعلة من الخوف والغضب, فلما زاد انتظارهما عن الساعة, وقف غاضبا واقتحم غرفة الضابط ليجده جالسا مع اصدقاءه يفطرون ويشربون الشاي! جن جنونه وصرخ قائلا: أنتظر منذ ساعة وأنت تفطر!!
    فقال الضابط للجندي الواقف وهو يرتعد خوفا: ألم أقل لك يا "كر" ألا يدخل أحد علي !
    أجابه الجندي: سيدي قلت له أن ينتظر ولكنه اقتحم الباب
    نظر الضابط إلى أبو عُمر قائلا: اخرج وانتظر
    أجابه أبو عُمر: لا ! لقد اختطف ابني ولن أنتظر حتى يموت ريثما تنتهي من فطورك !
    نظر إليه الضابط بدهشة ثم نظر إلى أصحابه وضحك فضحكوا جميعا حتى دمعت عيونهم, ودمعت معها عينا أبوا عُمر أيضا لكن عينيه دمعتا قهرا وأطرق أحمد برأسه للأرض. فقال أبو عُمر بانكسار الأب: أرجوك يا سيدي ساعدني
    أشار له الضابط وقال له: اجلس, فجلس وبدأ يحكي له حتى إذا انتهى قال له الضابط: آسف لا استطيع ان اتدخل ولا استطيع مساعدتك.
    أصيب أبو عُمر بدهشة كأنما صب عليه أحدهم زيتا وقال: عفوا ! حسب أنه لم يسمع فأعاد الضابط جملته كي يقول أبو عُمر: كيف يعني ! انت الشرطة ولن تساعدني إذا من يفعل!!
    أشار الضابط بأصبعه إلى فوق وقال: مالك إلا الله
    تدخل أحمد قائلا: لو سمحت يا سيدي, ماسبب رفضك؟
    سكت الضابط قليلا وأمر الجميع أن يخرجوا عدا أحمد وأبوعُمر .. ثم قال لهم: "حسام كسار" يا سادة, أشهر من نار على علم, أبوه عميد في المخابرات الأمنية ورجل كهذا يفعل ما يشاء دون حساب, وإن أنا تدخلت سأفقد عملي أو أنقل إلى قرية ما على أقل تقدير, لهذا لا استطيع أن أفعل لكم شيئا, لكني أنصحكم ألا تتقدموا بشكوى ضده, قد فعلها من قبلكم وانتهى بهم الأمر في السجون, لكن سأخبركم ماذا تفعلون بشرط أن تعداني أنكما لم تسمعا مني هذا الكلام! فهزا برأسيهما وقالا: نعدك
    زفر زفرة ليكمل حديثه: خذوها نصيحة مني وانتظرا حتى الليل فإن لم يعد ولدك إليك اذهب صبحرام عليك باكرا إلى بيت حسام واطلب مقابلة أبيه, فإذا رضي وقابلكما, أثنيا على حسام ثناء كثيرا وقل له أن ولدك اعتدى عليه وماكان له أن يعتدي عليه واطلب من الرحمة, ولا تأخذك العزة بالحق كيلا تأخذه العزة بالإثم, حينها ربما لن تر ابنك ابدا, وهكذا كل ما استطيع تقديمه لكما ومع السلامة.
    خرجا من القسم فقال أحمد: ماذا ستفعل؟
    قال ابو عُمر بقهر وألم: سأفعل تماما كما قال لي الضابط, لا أريد أن أخسر ابني
    سأله أحمد: يعني ستنتظر حتى الليل؟
    هز برأسه دون أن يتكلم حتى وصلا بيت أبو عُمر ليجدا "ليلى" تجلس مع "أم عُمر" تواسيان بعضهما. أخبرهما أحمد بما قاله الضابط ثم قام يريد أن يذهب فحلف عليه أبو عُمر إلا أن يبقى معه وليلى, ففعل.
    مرت الساعات بطيئة ودخل العصر وتلاه المغرب وكادت الشمس أن تختفي تماما, حتى سمعوا طرقات خفيفة على الباب, كانت ليلى أسرعهم إذ قفزت تركض إلى الباب , فتحته لتتلقى جسد عُمر المتهالك, وعلى الأرض تبكي, تضم رأسه الدامي إلى صدرها وتبكي بكاءا شديدا وهو في حالة مابين الوعي وغيابه, حمله أبوه فركبا السيارة إلى المستشفى, وأبو عُمر يردد بلا انقطاع: حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل.


    (2)
    كان الربيع وفي الربيع يتعطر الجو بالياسمين, وإن أمطرت السماء أتى مطرها خفيفا كأنه العشق, كانا يجلسان في شرفة بيتها, فمدت يدها تتحسس الندبة على جبهته, فابتسم قائلا: ألا زلت تذكرين؟
    أجابته بصوت فيه رنة حزن ولوم نفس: كيف أنسى وانا السبب في هذا
    أمسك بيديها وقال لها وقد رفع حاجبيه: ليلى, ستصبحين زوجتي قريبا, ولو أني سأموت دفاعا عنك لا مانع لدي
    ابتسمت وضحكت فرحا وسر قلبها بعبارته هذه فقالت له بدلال وهي تقرصه من كتفه: تموت لأجلي يا كاذب
    فوقف قائلا: ألا تصدقين؟
    هزت رأسها تؤ لا أصدق
    وبلمح البصر صعد على سور الشرفة وهو يصيح الآن سأرمي نفسي حتى تصدقيني
    برعب خطت نحوه فأمسكته وأنزلته وصفعته وهي تصرخ فيه: أنت أحمق أحمق وقاسي .. وأجهشت بالبكاء! فضمها إلى صدره قائلا.. ليلى يا ليلتي لم أقصد أن أخيفك كنت أمزح
    من بين دموعها قالت: مزاحك دمه ثقيل
    نظر إلى عينيها المبتلتين, إنها أجمل, أجمل من كل شيئ في هذا العالم! إنها جنة الدنيا تمشي على قدمين, وهو أكثر الرجال حظا في العالم كي يحظى بها, يحبها, يعشقها, يموت لأجل عينيها ولا ضرر, يقتل ويذبح ويشن حروبا ويخوض معاركا ويحارب جيوشا لو اقتضى الأمر لأجل عينيها. إن الدنيا .. دنيا .. وهي جنة السماء في الأرض, إن النساء في العالم دونها كأنهن أشواك مؤلمة, بهذه الأفكار التي خطرت بباله قبل يديها مئة مرة لأنه قد يموت لأجلها مليون مرة ولو سألوه بعد الموت ماذا تريد؟ لقال أن أعيش فأموت لأجلها كمان مرة.
    نزل من بيتها ذاهبا للجامعة, نزل وتاركا قلبه بها ومعها, ثم تسارعت خطواته لما مر بهذا الشارع الضيق, هذا الشارع هو مرتع "حسام كسار" الرجل الذي وعد نفسه أن يقتله يوما ما... ولا زال حسام أهوجا طائشا وحقيرا كما كان أبدا, ولا يفتأ أن يضايقه كلما رآه.
    إن الحقد الدفين الذي نما مابين الطوائف لهو حقد يحتاج إلى آلاف السنين كي يمحى, وهكذا كان حقد الشابين على بعضهما, حقد وغضب وكره أسود لا تمحوه مياه البحار لو اجتمعت, رآه واقفا مع زبانيته السافلة فتبادلا نظرة غضب سريعة وابتسم حسام لأول مرة, حسام يدرك تماما أنه لو دخل معه في قتال لخسر من أول لكمة لهذا كان لا يتجرأ أن ينظر إليه لو كان وحده ويعلم في نفسه أن عُمر سيقتله ولن يكترث, لهذا كان حسام قد خطط به ليوقع به في براثن المخابرات وحينها .. !
    وصل عُمر إلى الجامعة وهناك قضى يومه حتى انتهت المحاضرات, وكان يتأبط ذراع زميله حتى إذا خرج من حرم الجامعة, وقفت أمامه سيارتين حكومتين, ونزل منها دستة من الرجال, وبسرعة خيالية استعاد ذهنه المشهد, فترك ذراع زميله وانطلق يجري بأقصى سرعة, وانطلقت السيارتان وراءه وظلتا تلاحقه حتى اقتربت احداهما منه وصدمته فطار مترين في الهواء قبل أن يسقط على الأرض, وقف على قدميه سريعا لكن كان ستة من الرجال قد أحاطوا به, فراح يقاتل بشراسة, ضرب الأول على رأسه ففقد وعيه, وضرب الثاني فوقع على الأرض, ثم تلقى ضربة على رأسه وأخرى على بطنه, أحس بعظم ساقه ينكسر لما ضرب بتلك العصا, ثم مرة أخرى حملوه, ووضعوه في السيارة, وانطلقت تلحقها الأخرى.
    مر شهر وتلاه آخر, توفيت أم عُمر لكثرة نحيبها على ولدها, لم يكن بمقدورها أن تتحمل, سألوا عنه, لم يتركوا قسما للشرطة ولا مستشفى ولا مخابرات إلا وسألوا عنه ولكنه اختفى, مرت سنة بأكملها وليلى في بيتها لم تخرج منه ولم تخطوا خطوة واحدة, يعزيها أبوها لكن لا يكفي الكلام إن لم يعد عُمر.
    ولم يكن أبو عُمر بأحسن حالا, انفطر فؤاده, وصدع كبده, واتخذ قراره, لن يسكت!

    (3)
    نزل "أبو عُمر" من بيته يمشي قاصدا الشارع إياه, ليرى حساما على بعد خطوات منه, فاقترب منه قائلا: أنت حسام كسار صح؟
    نظر إليه حسام بشذر: نعم .. أتريد شيئا
    قال الرجل: نعم لو سمحت أريد أن أحدثك على انفراد
    اقترب منه حسام فقال: هيا بسرعة قل ما عندك
    ابتسم أبو عُمر وقال: ابني عُمر, ألا تعلم أين هو؟
    قال له وهو ينظر إليه نظرة الشامت: الله وأعلم .. يمكن مات
    خفض الأب عينيه الدامعتين ثم عاد فرفعهما إليه وحدجه بنظرة أدبت الرعب في قلب حسام, وقال له: اليوم يكون قد مضى سنة بأكملها على رحيله, هل عندك أخوة؟ أو أخوات؟
    قال حسام: ماهذه الاسئلة السخيفة .. أوف .. لا ما عندي
    ابتسم الأب له قائلا .. جيد.. ثم سحب مسدسا من بين ثيابه ووضعه على رأس حسام الذي ما إن رأى المسدس مصوبا مباشرة إلى رأسه حتى وقع على ركبتيه خوفا ورعبا, كان يصرخ الرحمة. أرجوك لم أفعل شيئا.. لم أقل لهم أن يقتلوه .. قلت لهم أن يضربوه فقط لكنهم تمادوا في الأمر .. أعتذر آسف
    كان الأدب هادئا جدا وهو يصوب المسدس إلى رأس حسام وقال له: ألا تعلم أن الجروح قصاص ؟
    وقبل أن يرد حسام كان الأب قد ضغط على الزناد فانفجر رأس حسام وتناثر الدم على وجه الأب, ووقع حسام على الأرض وقد تجمهر الناس من بعيد, كان أبو عُمر يعلم أنهم لن يتركوه بحاله فقال بصوت عال: ليسمع الجميع, هذا قتل ابني .. وها أنا قتلت قاتل ولدي, فليتعذب أبوه كما تعذبت وليعلمن أني أخذت حقي كما أخذ مني فلذة كبدي .. ثم رفع المسدس إلى رأسه وأطلق النار, فضل أن يموت على أن يهان أو يذل فقتل نفسه. لكنه مات مرتحرام عليك عالما أنه ذاهبا للقاء ولده, عارفا أنه أخذ له حقه في الدنيا وأنه في الآخرة لا يظلم الله أحدا.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://almoshy.yoo7.com
    اسلام الموشى
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    *&^رئيس مجلس الاداره وصاحب والمنتدى^&*
    اسلام الموشى


    ذكر
    العقرب عدد الرسائل : 906
    تاريخ الميلاد : 27/10/1991
    العمر : 32
    الموقع : www.AlMoShY.YoO7.com
    العمل/الترفيه : طالب بكليه الحقوق بأسيوط وناوى ان شاء الله اخش نيابه عــــامـــــه
    المزاج : مــــــــتـــــــــــقـــــــــلــــــــــب
    السمعه : 2147489398
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 20/08/2008

    الاوسمة
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام العطاء
    الاوسامه الخاصه بالعضو الاوسامه الخاصه بالعضو: وسام الاداره
    الاوسمه الخاصه بالعضو الاوسمه الخاصه بالعضو: وسام التقدير

    في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة   في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 01, 2008 7:53 am

    الفصل الخامس .. العشاء

    شارع الفرانسيكسان, الاسم الغير رسمي لاشهر الشوارع في مدينة حلب, تقع على طرفه مدرسة الفرانسيسكان وأطلقت عليه هذه التسمية نسبة للمدرسة, الشارع ليلا في أيام العطل يمتلؤ بالشباب والشابات, في الصيف يكون الشارع عاريا وفي الشتاء يكون خلابا, وكان شتاء المدينة قارصا في الصباح, جميلا ماطرا بحنان في المساء, بوسعك أن تتمشى في "حي السبيل" وتدخل ******* الضيقة مارا بالحدائق لتشتم رائحة الياسمين تفوح صيفا, ورائحة البرتقال شتاء.
    تمشي في شارع الفرانسيسكان تشعر بالبرد والدفئ معا, تخطوا على مهلها وتنقل الخطوة خلف الخطوة كقطة فارسية, تلبس حذاء برقبة عالية لتسمع نقر خطواتها الهادئة المتزنة, لو رآها مخرج من مخرجي هوليوود لدفع نصف عمره لقاء مشهد, واضعة يديها الصغيرتين في معطفها, ويتوارى شعرها تحت القبعة السوداء لتنتثر منه خصلات صغيرة على الياقة البيضاء, وتوارت الشمس خلف الغيوم وانخفضت تغيب على مهل وهي تنثر اللون الارجواني في الافق, كانت ساهمة صامتة, مامر أمامها رجل إلا وتوقف لينظر إليها, ليفتتن بها, ولولا الوقار لارتمى تحت قدميها, مرت ساعة بأكملها وهي تقطع الشوارع قاصدة منزلها, حتى إذا مرت بحديقة وقفت أمامها في ذلك الشارع الضيق, وعلى الحائط رسم احدهم قلبا أحمرا وكتب بجانبه, شارع العشاق! دمعت عيناها وأكملت طريقها.
    كانت تسكن في الطابق الثاني في تلك البناية التي تنحدر من أعلاها عناقيد من الورد البنفسجي حتى منتصف العمارة, دخلت بيتها وخلعت معطفها لترميه على الأريكة, وجلست لتمد قدميها دون أن تخلع حذاءها, رمت رأسها على ظهر الأريكة فسقطت القبعة ليسقط خلفها شعرها الناعم الطويل الذي كادت أطرافه أن تلمس السجادة العجمية الحمراء, وظلت هكذا قرابة النصف ساعة, لا تفكر في شيئ وتحدق في السقف لتتكسر صورتها عليه, إذ أن السقف كان عبارة عن مرحرام عليك صغيرة ملصوقة ببعضها وملونة ترسم أشكالا بديعة من أسماك وطيور, أسبلت جفنيها الكبيرين, وانحدرت من بينهما دموع قلب قد انكسر.
    أصبحت في الثالثة والعشرين من عمرها, وكان والدها تاجرا, هم عائلة توارثت المال والغنى من أيام ما قبل الوحدة مابين مصر وسوريا وقبل التأميم, اُنتقصت أموالهم كثيرا, لكن على الرغم من هذا لا تزال عائلة "الشوبكي" من أصحاب رؤوس الأموال التي لا يستهان بها, توفيت أمها وهي في الخامسة عشر من عمرها إثر إصابتها بالسرطان, واعتنى بها والدها ولم يقصر على الرغم من سفره الدائم, لم تكن من المدللات المائعات كعادة بنات الأغنياء, بل كانت جادة طموحة, توسلت والدها أكثر من مرة أن يسمح لها أن تحترف الغناء لكن رفضه كان قاطعا, هذا الرجل الذي يحمل الملايين ويسافر إلى كل بلاد العالم, لا زال يحمل العفنوان الشرقي, اللهفة الشرقية, ينظر إلى نساء الغرب بعين الشفقة من المهانة التي يعشن فيها, لكم قالت له يا أبتي لو أردت أن تتزوج فلا أمانع, لكن كان ينظر إليها فيقول: ليلى, إن أمك لا زالت تعيش في أركان هذا البيت, ولا زالت تتفس في أركان عواطفي, هي ذهبت بجسدها عند ربها لكن أنا لم يمر علي يوم دون أن أسمع صوتها في الصباح يبشرني بأحلى صباح. لم يكن يبكي وهو يقول هذه الكلمات بل كان يبتسم بشوق, تشعر "ليلى" أحيانا أنه يريد أن يموت كي يلحق بها وبداخلها تحسد والدتها على هذا الحب الذي يكنه زوجها لها.
    فتحت النافذة ليتسلل نسيم ليل بارد كالثلج فيرتجف جسدها المشدود, التقطت حقيبتها, أخرجت سيجارة وضعتها بين شفتيها وأشعلت الكبريتة لتشم رائحة الاحتراق مع إحساسها بدفئ واسندت ذقنها على راحتيها وهي تراقب دخان السيجارة يتصاعد تارة ويضيع مع النسيم تارة أخرى, انتهت من تدخين سيجارتها, فعادت إلى غرفة المعيشة وخلعت حذائها وهي سعيدة بالإحساس البارد, جلست على كرسي البيانو, ومدت أصابعها الطويلة النحيفة, وبدأت تعزف لحنا ما, فلم يعجبها فغيرته, ولحن آخر ولم يعجبها وغيرته, حتى بدأت تعزف مقطوعة وعزفت أوتار حبالها الصوتية...
    " من زمان انا وصغيرة كان في صبي "
    وبدأ الدمع يسيل من جديد وكأنما تعاطف معها النسيم فصار ريحا هبت داخل البيت فحمل شعرها ينثره في كل الاتجاهات...
    "كتبنا على الحجار, قصص صغار"
    الحسن كله يعزف الحنان كله ليغني بصوت لم تسمع مثله ... وقلما تبكي لكنها بكت
    "وعلقت عطراف الوادي
    خفت وصرت اندهلوا ..
    وينك رايح يا شادي .."
    وصدى صوتها صار يرن في ويتخلل الموجودات, وهي تضرب بقدميها الحافيتين الأرض, بينما تنهمر الدموع على مفاتيح البيانوا ...
    " ويبعد يبعد بالوادي
    ومن يومتها .. ماعدت شفتو .. ضاع شادي! "
    هدأت نفسها قليلا, وهدئ النسيم عليلا ..
    "والثلج إجا وراح الثلج ... عشرين مرة إجا وراح الثلج"
    "وانا صرت اكبر وشادي بعدو صغير, عم يلعب عالثلج"
    ثم سقط رأسها على البيانوا وهي تتعافى من البكاء, وقد غسلت الدموع كحل عينيها, نعم أنه ضاع.


    لم تتزوج ليلى على الرغم من الآلاف الذين كانوا يحلمون بودها, توفي والدها عن عمر يناهز الستين, فقامت بإدارة الأعمال عوضا عنه, مرت حياتها رتيبة, ثلاثة عشر سنة مرت على ضياع عُمر, وهاهي الآن, تسكن وحيدة في بيتها, كانت قد اشترت الشقة المجاورة لها كيلا يأتيها جيران يقلقون راحتها, فصارت شقتها واسعة ضخمة.
    في هذه الشقة كانت تقيم بعض الحفلات كي تؤنس وحدتها, يبدو للناظر أنها سعيدة تعيش حياتها بالطول والعرض, من الصعب على المرء أن يتخيل أن كل هذا الحسن والجمال يدفن تحته حزنا أبديا, ولربما كان الحزن الكامن في خلحرام عليكها هو الذي يزيدها تألقا يوما عن يوم, فكأنها تحفة تاريخية, كلما تقادم عليها الحزن ازدادت روعة وبهاء وكبرياء.

    خرجت من الحمام الدافئ إلى الغرفة الدافئة, لا تحب جهاز التكييف وتعشق الموقد الكلاسيكي العادي, قد تنسى انها تركت المازوت يسيل بأسرع من اللازم فتسمع صوت هدير النار بقوة, ومن الثقب الصغير في العتم يتصاعد اللون الأحمر لكي ينعكس على مرآة السقف, هذا مزيج لا يمكن أن تتخلى عنه أو تستبدله بالتكييف.
    كانت مبتله كوردة الصباح, وكان ابتلالها يزيدها حسنا تماما كوردة الصباح! دخلت غرفتها ووقفت أمام المرآة, نظرت إلى جسدها, هي نفسها تصاب بحيرة من أن جسدها لازال بكامل لياقته ومنحنايته الشابة الفتية, رفعت ثدييها على راحتيها ناظرة للمرآة وابتسمت برضا, نظرت للساعة وقد اقترب موعد وصول – المجنون- "عادل", وقفت أمام خزانتها واختارت ثوبا أزرقا داكنا مطرزا ببلورات سوداء, وانتعلت حذاء أسودا لماعا, رفعت شعرها فوق رأسها وتركت خلصتين تتدليان من خلف أذنيها, وأخرى صغيرة على جبهتها, القليل من الكحل وحمرة الشفاه. أرادت أن تضع حمرة خدود ومسكرة عيون لكنها ترددت ثم أبت. ومعها كل الحق, إن جمالها يكفي فعلا, وأي تعديل عليه لسوف يخرب أكثر مم يجمل. رموشها بطبعها طويلة وعيونها كبيرة لا ينقصها كحل فأي مكياج؟ القليل من العطر وأصبحت جاهزة تنتظر عادل, لم يتأخر وسرعان ما سمعت طرقات خفيفة على الباب, فتحت الباب وعلى ضوء الدرج الخفيف رأته, متألقا, يلمع, طويلا ووسيما, ابتسم لها وهو ينظر إليها بل أطال النظر إليها دون أن يتكلم, ثم انحنى حتى كادت جبهته ترتطم بالأرض وقال: اسمحي لي أن أقسم بالذي خلقني أنه لم يخلق أجمل منك!
    تدرك تماما أن غزل هذا الرجل يختلف! فابتسمت وقالت ... تفضل
    هز رأسه وأشار لساعته: ليس الآن كيلا نتأخر, سانتظرك في السيارة
    أجابته: حسنا دقيقة وأكون عندك
    أحضرت حقيبتها وألقت نظرة أخيرة على المرآة ونزلت فركبت السيارة, فقال لها عادل: أول مرة أحس بأن سيارتي لها قيمة !
    ضحكت فاهمة ما يقصد وقالت:كفاك غشا في الكلام
    انطلق بها يقطع الطرقات, يتحدثان في أمور شتى, لاحظت ليلى أنهما قد خرجا تقريبا من حدود المدينة, لكنها لسبب ما لم تشعر بقلق, ولم تخف بل كانت مرتاحة مطمئنة, كان يلقي النكات على مسامعها, ويحكي لها مواقف طريفة في أبيات شعر أطرف, وبين الفينة والأخرى يتغزل فيها فتسعد. دخل عادل بالسيارة في ممر ضيق تحف جنباته أشجار السرو الأخضر الطويلة الشامخة, وانتهى بهم الطريق إلى بوابة من خشب, ترجل عادل من السيارة ليفتح البوابة, ثم عاد ليقود إلى الداخل.
    أوقف السيارة في ساحة خضراء, مضاءة إضاءة خفيفة, الساحة تتوسطها بركة ماء ماؤها آسن, عليه تناثرت أوراق الشجر وطفا عليه زهر, ترجلت من السيارة وأرسلت بصرها يدور في إرجاء المكان, على اليمين شاهدت منزلا قديما لكن بناؤه جميل للغاية, وأمامها امتدت مسحرام عليكت من الشجر, أمسك عادل بيدها قائلا: تعالي نتجول قليلا أريك المزرعة, وراح يطوف بها بين الأشجار, أشجار التفاح, وأشجار البرتقال والمشمش الهندي .. فتوقفت وقالت وهي تشير بإصبعها: هذه برتقالة !
    ضحك قائلا طبعا نحن في الشتاء وهذا موسم البرتقال والليمون ... ثم قفز وخطف لها برتقالة وقدمها لها, شكرته وأحست بسعادة تغمر كيانها وقالت: ما معي سكين, كيف أقشرها؟
    أخذ منها البرتقالة وقال: حقك علي .. ! بسيطة .. وعض البرتقالة بأسنانه ثم قشرها بيديه وقال لها: الآن تفضلي .. ضحكت وقالت له: انت مجنون فعلا, وراحت تأكل البرتقالة بفرح وهي تتمشى معه فتوقفت فجأة واستنشقت نفسا عميقا قائلة: الله... أشم رائحة ليمون! ابتسم قائلا: هذا لأننا وصلنا إلى شجر الليمون. قالت بدلال وصبيانية .. أريد ليمونة ! فقطف لها ليمونة وقال احتفظي بها ستلزمنا بعد قليل, لم تسأله لم كي لا تفسد المفاجأة, ثم بعد برهة وصلا إلى شجرة كبيرة نوعا ما, كان جذع الشجرة ينقسم من الأرض إلى جذعين وكل جذع على ارتفاع قليل ينقسم جذعين آخرين, فتوقفت عندها ورفعت حاجبيها بدهشة سائلة: ماهذه؟
    أجابها: هنا سيكون عشاؤنا, وهذه شجرة الزيتون وعمرها يزيد عن الخمسين عام. صفرت بشفتيها.. ياه عجوز تلك الشجرة! هز برأسه أن نعم, وأمسك بيدها ودار حول الشجرة وقال لها تفضلي اجلسي.
    خلعت حذائها وخطت على سجادة ثخينة وتحت شجرة الزيتون جلست. استندت على واحدة من الطنافس المنثورة هنا وهناك, وهي تراقب ما حولها بمتعة, كان على يمينها طاولة خشب مغروسة في الأرض وكأنها بالأصل شجرة ثخينة تم قطعها, وعليها وضعت أكواب زجاجية وزجاجتي ماء وبعض العصائر ..
    وعلى شمالها ما يشبه موقد الفحم بجانبه كيس فيه شيئ ما.. وهناك راديوا شغله عادل على موسيقا هادئة, كان كل شيئ مرتب منسق, مزيج من الطبيعة الأم والجو البارد, أغمضت عينيها وأستنشقت طويلا ليقاطعها صوت عادل: عزيزتي.. ها هنا سيكون العشاء فمارأيك؟
    أجابته بصدق: وهل هناك أجمل من هذا؟ ابتسم راضيا عن نفسه .. أوقد نارا وراح يزكيها بأعواد الخشب الرفيعة فهاجت وماجت وراحت ألسنة النار تتصاعد, نظر إلى ليلى, اللون الأحمر الأرجواني انعكس على وجه ليلى, وعلى شعر ليلى, وعلى خد ليلى, فاقترب عادل من ليلى وجثا على ركبتيه وبكل الحب المولود الجديد راح يحق بها وهي صامتة ساهمة, انتبهت إليه فرجفت قليلا, نظراته تغوص في أعماقها, رأى عادل بعض ألسنة النار تلمع في عينيها, إن للنساء سحر يقتل, لكن هذه سحرها يرد الحياة إلى القتلى, هكذا فكر, وهكذا مد يده يتحسس خدها المدور كالتفاح, اقترب منها أكثر حتى شعر بأنفاسها الوردية, استنشق بعضا من أنفاسها فشعر بالحب يملؤ رئتيه, ثم أحس بقطرة ماء على أنفه, أمعقول أن يبكي دون أن يدري, ربما هي تبكي, نظر إليها فأدرك أن السماء تبكي, وعلى وقع القطرة انتبها فتراجعا من أمام بعضهما فقالت بحرج وخجل, يبدو أنها ستمطر! فقال لها يبدو هذا ولم تمض لحظات حتى بدأ المطر يهطل بلطف ثم لم يلبث واشتد, فقامت مسرعة قائلة هيا بنا للسيارة بسرعة وراحت تعدو فلحق بها وأمسك يدها قائلا ولم العجلة, تعالي نمشي على مهلنا, استغربت هذا قليلا ثم قالت لنفسها لم لا؟ تأبطت ذراعه يمشيان على مهل, فسألها:ليلى, أتعرفين لم تمطر السماء؟
    ابتسمت وسألت: لم؟
    أجابها: منذ زمن بعيد, كان هناك عاشقان يعيشان وحيدان في جزيرة في منتصف المحيط, هكذا وجدا نفسيهما ولا يعرفان كيف, كانا يتساءلان دائما, أيا ترى هل هناك مخلوقات مثلهم؟ وكانا متحابين أشد الحب. ولم يكونا يعرفان ما معنى المطر لأنه في تلكم الأيام لم تكن لتمطر, وهما أيضا لم يعرفا يوما الحزن ولا الدموع لأنه لم يكن لديهما ما يحزنهما فإن كل شيئ طيب وعلى الفطرة. كأنهما في جنة, لم يتخيلا أن هناك ما يسمى بالموت أو الفراق. وبعد سنين طويلة, مات الرجل, لم تدرك الفتاة أنه مات حتى أنها ظلت أمام جثته تنتظر أن يصحوا. استلقت بجانبه وأرسلت بصرها للسماء فأحست بقطرة ماء على خدها, مسحتها بيدها مستغربة ولم تكد تفعل حتى نزلت قطرة ثانية, ذاقت القطرة بلسانها لتحس بطعم المطر لأول مرة, ثم جلست على ركبتيها تسأل نفسها عن الماء الذي ينزل من السماء. أرادت أن تسأله لكنه لازال نائما, أحست لأول مرة بالحزن الشديد وهي تهزه ثم رأت قطرة ماء على خده, مسحتها بيدها وذاقتها مرة أخرى لتحس بطعمها المالح, وتلتها قطرة أخرى .. وكانت أيضا طعمها مالح, ثم أدركت ان هذه القطرات المالحة لم تكن من السماء, رفعت يدها الى عينيها لتعرف أن هذا هو الماء النازل من عينيها, ولأول مرة راحت تبكي وتبكي .. ونظرت للسماء قائلة: ألن تبكي معي أيتها السماء؟ فإني لم أتعلم البكاء إلا منك, فاستجابت السماء لدعاءها وبكت .. وهكذا كان المطر. انتهى عادل من قصته فنظر إلى ليلى, أهذه دموع ام هذا قطر المطر؟ هكذا سأل نفسه .. لولا أن وجد ليلى تبتسم قائلة: اول مرة أسمع هذه القصة. ابتسم ونظر للسماء: هذه هي الآن تمطر, ليتنا نحن العشاق في تلكم الجزيرة.
    أجابته: لا طبعا, وتموت أنت؟
    لما سمع هذه العبارة أحس كأنما يبنوع ماء عذب تفجر بداخله فتوقف عن المشي وواجهها, أزاح خصلة الشعر الندية من على جبهتها وقال: هذه أجمل عبارة سمعتها في حياتي! سكتت ولم تجب فأحست به يقترب منها كي يطبع قبلة على شفتيها, أرادت هذه القبلة بشدة, تشتعل شفتيها لها لكنها لسبب ما تراجعت خطوة للوراء, فتقدم منها خطوة, فتراجعت أخرى, فتقدم أخرى, وأرادت أن ترجع مرة أخرى فأحست بجذع شجرة يمنعها, ورأت عينيه ثابتتين على عينيها وكأنه يقول لها أنه لا مفر ولا هروب, على الرغم من أن قسمات وجهها كانت ثابتة وعينيها تقولان إياك أن تفعلها, إلا أن داخلها كان يصيح طلبا لشفتيه, أغلقت فمها وزمت شفتيها كمحاولة أخيرة لكنها أحست بذراعه اليسرى تلتف حول خصرها, ويشدها إليه ليلتصق جسده بجسدها, ويرفع ذراعه اليمنى ليضع راحته على خدها متحسسا بإبهامه شفتيها المحشوتين بالفستق والعسل, ويقترب أكثر ليطبع قبلة سريعة خفيفة, ولم تفتح شفتيها, وقبلة أخرى أطول من سابقتها قليلا, لتنفرج شفتيها قليلا, ولثمها مرة أخرى وهي تحاول أن تغلق شفتيها من جديد لكن مشاعرها أبت أن تطيع عقلها, ولم تجد نفسها إلا وهي تبادله القبل وصوت المطر على ورق الشجر كأنه ضربات قلبي هذين العاشقين المبتلين كغصني ليمون تحت شجر الليمون.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://almoshy.yoo7.com
     
    في بيتنا راقصة .. الأجزاء الخمسة كاملة
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتديات الـــجـــيــنــرال :: (منتدى الاقلام الادبية) :: *&^قسم روايات الأعضاء ^&*-
    انتقل الى:  
    إغلاق
    التسجيل السريع

    الاجزاء المشار اليها بـ * مطلوبة الا اذا ذكر غير ذلك
    اسم مشترك : *
    عنوان البريد الالكتروني : *
    كلمة السر : *
    تأكيد كلمة السر : *